.
الشاعر الكبير / نزار قباني
.
.
.
-1-
في حارتنا ديك سادي, سفاح
ينتف ريش دجاج الحارة كل صباح
ينقرهن..
يطاردهن..
يضاجعهن..
ويهجرهن..
ولا يتذكر أسماء الصيصان..
-2-
في حارتنا
ديك يصرخ عند الفجر
كشمشون الجبار
يطلق لحيته الحمراء
,ويقمعنا ليلاً ونهار
يخطب فينا.
.ينشد فينا..
يزني فينا..
فهو الواحد, وهو الخالد,
وهو المقتدر الجبار
-3-
في حارتنا
ثمة ديك عدوانيٌ,فاشيستي,نازي الأفكار
سوق السلطة بالدبابة..
ألقى القبض على الحرية والأحرار
ألغى وطناً
ألغى شعباً
ألغى لغةً
ألغى أحداث التاريخ..
وألغى ميلاد الأطفال..
وألغى أسماء الأزهار..
-4-
في حارتنا
ديك يلبس في العيد القومي
لباس الجنرالات..
يأكل جنساً..
يشرب جنساً..
يسكر جنساً..
يركب سفناً من أجسادٍ..
يهزم جيشاً من حلمات..
-5-
في حارتنا
ديك من أصل عربي
فتح الكون بألآف الزوجات!!
-6-
في حارتنا
ثمة ديك أمي
يرأس إحدى الميليشيات
لم يتلم إلا الغزو..
وإلا الفتك.
.وإلا زرع حشيش الكيف..
وتزوير العملات..
كان يبيع ثياب أبيه..
ويرهن خاتمه الزوجي..
ويسرق حتى أسنان الأموات..
-7-
في حارتنا
ديك كل مواهبه
أن يطلق نار مسدسه الحربي
على رأس الكلمات...
-8-
في حارتنا
ديك عصبيٍ مجنون
يخطب يوماً كالحجاج..
ويمشي زهواً كالمأمون
يصرخ من مئذنة الجامع:
<< يا سبحاني يا سبحاني>>
<< فأنا الدولة,والقانون>>...
-9-
كيف سيأتي الغيث إلينا؟
كيف سينمو القمح؟
وكيف يفيض علينا الخير..
وتغمرنا البركة؟
هذا وطن لا يحكمه الله..
ولكن تحكمه الديكة...
-10-
في بلدتنا
يذهب ديك
يأتي ديك
والطغيان هو الطغيان
يسقط حكم لينينيٌ..
يهجم حكم أمريكيٌ..
والمسحوق هو الإنسان...
-11-
حين يمر الديك بسوق القرية مزهواً,
منفوش الريش
وعلى كتفيه تضيء نياشين التحرير
يصرخ كل دجاج القرية في إعجاب:
<< يا سيدنا الديك..
<< يا مولانا الديك..
<< يا جنرال الجنس..
ويا فحل الميدان..
<< أنت حبيب ملايين النسوان..
<< هل تحتاج إلى جاريةٍ؟
<< هل تحتاج إلى خادمةٍ؟
<< هل تحتاج إلى تدليك؟..>>
-12-
حين الحاكم سمع القصة,
أصدر أمراً للسياف بذبح الديك
قال بصوتٍ غاضب:
<< كيف تجرأ ديك من أولاد الحارة
<< أن ينتزع السلطة مني..
<< كيف تجرأ هذا الديك؟؟
<< وأنا الحاكم دون شريك!!>>
.
.
قصيدة الديك .. نزار قباني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق